تنمو هذه العشبة وحيدة في منطقة تمتلئ عادةً بأعشاب من نوعها في كل عام؛ و سنتأكد لكم في بحثنا المتواضع أن سبب وجودها وحيدة يرجع إلى تأخر هطول المطر في بداية موسم الأمطار للكويت لعام 2010. ففي كل عام نجد أن عشب الخبيز Malva neglecta يغطي بقع كثيرة من أراضي الكويت وبالأخص محل ملاحظتنا هذه، منطقة نادي فروسية محافظة الفروانية و حول إسطبلات الخيل في تلك النادي. و لكن بالطبع إنتاش (إنبات) بذور الخبيز حاله كحال أي بذور لنبات آخر يعتمد على نزول المطر بالموعد الصحيح (أو توفر الماء بصورة عامة و بأي طريقة). أما بالنسبة لخريف و لشتاء 2010 فالوضع مختلف حيث تأخر المطر أدى إلى عدم إنتاش بذور الخبيز في المنطقة مثل كل عام حيث تركت حالة الجفاف أرض النادي مجردة من الخبيز. فأن رأيت عشب الخبيز هنا و هناك هذه السنة قبل هطول الأمطار مآخراً في المنطقة نفسها فستعلم أن الأمر راجع إلى وجود مصدر ماء، في البقعة التي نمت فيها العشبة. على سبيل المثال، نجد الخبيز في أماكن فيها يجري الماء المسكوب من داخل الإسطبلات إلى خارجها أثناء غسيل الخيول و ما شابه ذلك. و نستدل بذلك على نمو العشبة الوحيدة التي بدأنا موضوعنا بها من بذرة تبدو مدفونه منذ الموسم السابق في حوض نخلة زينة لأحد الإسطبلات في النادي وبقرب الشارع المؤدي إلى الإسطبل. فقد لاحظنا نمو هذه العشبة في اواخر شهر سبتمبر 2010 في حوض النخلة. و بدأت تنو و تكبر و تنتعش وحيدة وهي تمتص الماء الذي هو كان بالأساس وضع لري النخلة الصغيرة يومياً. فلولا وجود الماء في حوض النخلة لما كان لهذه العشبة أي فرصة في الحياة هذا السنة. لأن مشيئة الباري كانت أن ينزل المطر علينا متأخرا.
هذا بالنسبة لعشب الخبيز. أما بالنسبة ما إذا كنت تتساءل: لماذا كل هذا الإهتمام بالعشبة التي هي عادة لا تعتبر محل اهتمام الآخرين و عامة الناس؟ فأعلم أن البيئيين والباحثين وحتى هواة الزراعة والطبيعة مهتمين، فهناك علاقة تطفل لا يراها سوى المهتم حيث أن عشب الخبيز و هو نوع من أنواع نباتات فطرية أخرى في الكويت يعيل انواع حيوانات لافقارية فطرية كالحشرات. و منها نوع حشرة من رتبة حرشفية الأجنحة؛ بالتحديد فراشة السيدة المبرقشة Vanessa cardui التي تنتشر في جميع أنحاء البلاد منذ الخريف و حتى الربيع. و لكنها لا تظهر واقعاً إلا مع وجود العائل، عشب الخبيز، نوع دراستنا في هذا الموضوع و إن كانت هناك أنواع نباتات برية أخرى تتطفل عليها هذه الفراشة بالتحديد؛ فقد تعود سكان الكويت على رأيت السيدة المبرقشة والاستمتاع بلونها البرتقالي الزاهي في حدائقهم المنزلية و في المزارع و غيرها من مناطق الكويت السكينة و التجارية و حتى الصناعية و الصحراوية. واليوم يتساءل الكثير من الناس عن سبب اختفاء أو تأخر ظهور هذه الفراشة الرقيقة-الجميلة-السريعة الحركة في الكويت كما تعودوا على رأيتها في السنوات السابقة؟ للإجابة على ذلك، نقول أن ظهور الفراشات من الشرانق المتبقية من الموسم السابق مبكراً بعد اعتدال المناخ يؤدي إلى موتهم قبل أن تتم عملية التزاوج، أو أنه تتم عملية التزاوج والتلقيح و لكن لا يكون لإناث الفراشات عائل لوضع بيوضهم عليه. و أيضا فرصة معيشة اليرقات المفقسة من البيوض المتواجدة بالتربة بقرب العائل من السنة الماضية ضئيلة جداً بسبب الجفاف (عدم وجود العائل). فإنتاش بذور العائل ونموه في الوقت المناسب هو سبباً مهماً في ظهور و بقاء السيدة المبرقشة خلال الموسم، و هذا بطبيعة الأمر قد لا يحصل في حال تأخر نزول المطر، فالعلاقة هي علاقة تطفل بين فراشة السيدة المبرقشة وعشب الخبيز و لهذا نحن مهتمون بعشب الخبيز. ماذا تقول أنت؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق